الخبر العاجل: مسيرة للاحتلال التركي تستهدف سيارة على طريق قامشلو الحسكة

بعد محاكمة سويدية باستعباد إيزيديين.. هل تستطيع العدالة الدولية القصاص في جرائم داعش

تشهد السويد أول محاكمة على جرائم الإبادة الجماعية للإيزيديين، حيث لا تزال العدالة الدولية تتلمس خطواتها تجاه جرائم الإبادة الجماعية التي قامت بها داعش بحقهم، مما يثير التساؤلات حول ما يمكن أن تفعله تلك المحاكمات الدولية.

وجهت المدعية العامة في السويد رينا ديفجان الاتهام لامرأة سويدية تدعى لينا اسحق بجرائم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية بعد استعباد فتيات من الجنسية الإيزيدية، وتعتبر المرة الأولى التي تقوم السويد بمحاكمات في الإبادة الجماعية للإيزيديين والمرة الأولى التي يوجه فيها اتهام بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في السويد.

سبي واستعباد جنسي وعمل بالسخرة

قامت لينا اسحاق باحتجاز 9 إيزيديين منهم فتاتين وأطفال لمدة 7 أشهر للعمل في منزلها كعبيد، في ظروف سيئة بحسب لائحة الاتهام.

وأورد مركز كارينجي لحقوق الإنسان، أن تنظيم داعش ألحق أضراراً جسدية بالغة بـ 3548 من النساء والفتيات الإيزيديات، والتي كان منها الاختطاف والاستعباد الجنسي العنيف جداً، والعمل بالسخرة في ظروف قاسية، وما زالت 2600 امرأة وطفل أسرى لدى مسلّحي التنظيم وزوجاتهم، حيث يتعرّضون للعنف الجنسي والتعذيب، كما تم اختطاف 2869 رجلاً إيزيدياً، من بينهم 2500 فتى وفق التقديرات.

تقول سعاد حسو، عضوة الاتحاد الإيزيدي في سوريا في تصريح خاص لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن المحاكمة الأخيرة للسويدية التي قامت باستعباد إيزيديتين جاءت بعد عشر أعوام مضت على المجزرة التي تعرض لها المجتمع الإيزيدي في شنكال في 3/8/2014 التي راحت ضحيتها عشرات آلاف من الإيزيديين بين قتيل وخطف وسبي واغتصاب ناهيك عن العنف وتدمير البنية التحتية لـ شنكال فهي إبادة العرقية بحق أقدم مجتمع وأقدم ثقافة تاريخية وأقدم أولى الديانات على وجه الأرض.

وأضافت أنه جرت تسهيلات اشتركت فيها كل من دولة الاحتلال التركي وبالاتفاق مع حكومة إقليم كردستان والحكومة العراقية لتمديد داعش في شنكال وغيرها من المناطق الإيزيدية والسنية، وهو ما تكرر في كوباني وعفرين عندما دمروا المزارات الإيزيدية وبنوا الجوامع في قراهم وأجبروا العوائل على دخول إلى الإسلام.

الدرب الشائك لتحقيق العدالة الدولية

جاءت الخطوات الأولى لمحاكمة مقاتلي داعش على جرائمهم بحق الإيزيديين عبر اعتراف عدد من البرلمانات الأوروبية بالإبادة الجماعية للإيزيديين، حيث صادق البرلمان البلجيكي بالإجماع في تموز 2021 على نص قرار يعترف فيه بتعرض الأقلية الإيزيدية في العراق إلى "الإبادة الجماعية"، واتخذ البرلمان الهولندي خطوة مماثلة، و عام 2023 اعترف البرلمان البريطاني بالإبادة، وتلاه البرلمان الألماني (البوندستاغ) بالجرائم التي ارتكبها تنظيم داعش الإرهابي بحق الإيزيديين في العراق في عام 2014، في قرار عدة المحللين بأنه الأشمل.

شهد عام 2021 أول محاكمة جنائية في العالم تتناول الإبادة الجماعية ضد الإيزيديين، أدانت المحكمة الإقليمية العليا في فرانكفورت بألمانيا اليوم طه الجميلي بتهمة الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية، لشراء امرأة إيزيدية، وابنتها البالغة من العمر خمس سنوات، كامرأتين في عام 2015 وقيامه بتكبيلها في نافذة وسط الحرارة الشديدة، ودون حماية من أشعة الشمس، وتركها تموت أمام أمها.

وتوالت المحاكمات بحق أعضاء داعش على الإبادة الإيزيدية، حيث شددت محكمة في ميونيخ الأربعاء العقوبة المفروضة على ألمانية منتمية لتنظيم داعش مدانة بقتل طفلة إيزيدية تبلغ من العمر 5 سنوات بعد أن تركتها تموت عطشا.

وسردت عضوة الاتحاد الإيزيدي في سوريا، بدايات طريق العدالة الدولية لملاحقة من اقترفوا جرائم حرب بحق الإيزيديين، والذي بدأ بعد تحرير شنكال عبر فريق أممي المسؤول عن توثيق عمليات الابادة الجماعية التي طالت الإيزيديين في العراق، وبزمن محدد من أجل استخراج رفات الضحايا من المقابر الجماعية التي لم تخضع للفحص، حيث منحت الحكومة العراقية فريق البحث التحقيق عن الجرائم المرتكبة من قبل دواعش في العراق على اعتبار هناك عشرات المقابر الجماعية التي لم يتم الانتهاء من فحصها و تحتوي على أدلة حاسمة ضد عناصر التنظيم المتورطين.

‎وأشارت "سعاد حسو"، إلى أنه بطلب من حكومة العراق أنشأت الأمم المتحدة فريقا (يونيتا) من المحققين لتوثيق وجمع الادلة المتعلقة بتلك الجرائم حتى تتمكن المحاكم حول العالم من محاكمة المتورطين.

عقبات على طريق العدالة

يظل السؤال الشائك هو مدى قدرة تلك المحاكمات الدولية على القصاص لجرائم الإبادة الجماعية التي حدثت لأبناء الديانة الإيزيدية وتحقيق العدالة بشأنها.

الباحث أحمد السلطان

يقول أحمد سلطان، الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة في تصريح خاص لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إنه لا يمكن أن تتحقق العدالة الدولية بالقصاص، لعدم وجود منظومة لتحقيق العدالة الدولية، مبيناً أنه حتى المطالبات التي دعت إليها قوات سورية الديمقراطية بإنشاء محكمة دولية مستقلة لمحاكمة أسري تنظيم داعش لم يتم الاستجابة الآن.

وأضاف، أن ما يفاقم الأوضاع سوءاً هو الانشغال في الإقليم وفي العالم ككل بالوضع الحالي والصراع في غزة ولبنان، وتجاهل تام لما يحدث في سوريا رغم أن تنظيم داعش لم ينتهي ويعود من آن إلى آخر ليضرب سواء قوات سوريا الديمقراطية أو الجيش السوري مما يعني أن التنظيم لم يختفي.

وتتفق "سعاد حسو" مع هذا الرأي، مبينة أنه مازال سجن غويران في شمال وشرق سوريا ناجح بدواعش، ولم نسمع من أي جهة أو محكمة دولية تقاضي مال اقترفت أيادي الدواعش من ذبح وسبي واغتصاب وغيرها، كما عدم قيام أية جهة محاسبة الذين أعطوا القرار بسحب البيشمركة من شنكال فلم تكن هناك اذانا صاغية فجميع يتهرب من فكر محاسبة الإرهاب.

وأشارت السياسية الإيزيدية، إلى أن العالم شاهد كيف كان دور الدولة الفاشية التركية في استهداف السجن غويران في مدينة الحسكة وفرار الدواعش منها، ودعمهم المستمر لهم في القضاء على الإدارة الذاتية الديمقراطية بهدف زعزعت الأمن والاستقرار بالمنطقة وإنعاش وإحياء الارهاب الداعشي خاصة في مخيم الهول.

ودعت "سعاد حسو" إلى محاكمة هؤلاء الارهابيين فهم الذين وسعوا من نطاق تهديدهم إلى أوروبا أيضا إن لم يتم محاسبتهم ومحاسبة المتورطين وداعمين لهؤلاء سوف يكون كارثة عالمية تشهدها المجتمعات في المستقبل، مشيرة إلى أن  المحاكم الدولية يجب أن تقاضي كافة المساجين الدواعش بتهمة الإرهاب من كافة الجنسيات الأجنبية ويجب عليها أن تأخذ بعين الاعتبار سجن غويران في الحسكة بشمال وشرق سوريا ومخيم الهول المكتظ بالدواعش.

وشددت على أن المحكمة هي من تضع حدا لهذا الانتشار الكارثي ضد الإنسانية وحقوق الإنسان، وذلك لأن المجتمع الإيزيدي دفع الثمن غالي جداً فيجب على المحكمة الدولية فتح تحقيق للقضاء تنظيم داعش.

جريمة المرأة السويدية

وكانت التهمة الرئيسية التي وجهتها رينا ديفجان ممثلة الادعاء إلى لينا اسحق، هو قيامها بشراء أو استقبال نساء مدنيات، وأطفال ينتمون إلى الأقلية الإيزيدية في مقر إقامتها في الرقة في سوريا، ومعاملتهم كعبيد.

وعدد الادعاء بعض الجرائم المرتكبة بحق الإيزيديات المحتجزين لدى المتهمة، وهو تخويفهم بمقاطع فيديو لعمليات إعدام وترهيبهم بالأسلحة وضربهن وإجبارهن على ارتداء النقاب.

ويرى "سلطان" أن المدانة هي مجرد عضوة من أعضاء كثر داخل التنظيم ولا تمثل اي رمزية، موضحاً أن محاكمتها فيها نقاش كبير يتعلق بالتشريعات الأوروبية نفسها لأن هذه الجريمة لم تتم على الأراضي الأوروبية، وقامت العديد من الدول بتعديل تشريعاتها لكي تتمكن من محاكمة المقاتلين الأجانب أو من انضم إلى الإرهابيين خارج الوطن، ولكن مازالت هناك دول أوروبية لديها قصور تشريعي فيما يتعلق بهذا الأمر وبالتالي مسألة تحقيق العدالة ما زال بعيد المنال.

وتطالب "سعاد حسو"، أن تطبق المحكمة أقصى عقوبة على المدانة ليكون عبرة لمن يعتبر، لأنها مارست الإرهاب والتطرف والسبي وقتل باسم الله أكبر، مبينة أن المرأة السويدية مجرمة لأنها رغم حملها لجنسية أجنبية خدمت الإرهاب وارتكبت جرائم بعيدة كل البعد عن الإنسانية.